فصل: تفسير الآية رقم (65):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (65):

{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)}
{شَجَرَ بَيْنَهُمْ} المشاجرة: المنازعة، والاختلاف لتداخل الكلام بعضه في بعض كتداخل الشجر بالتفافها. {حَرَجًا} شكاً، أو إثماً. نزلت في المنافق واليهودي اللذين إحتكما إلى الطاغوت، أو في الزبير والأنصاري لما اختصما في شراج الحرة.

.تفسير الآية رقم (69):

{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)}
{وَالصِّدِّيقِينَ} أتباع الأنبياء صلوات الله تعالى عليهم وسلامه، والصديق (فعيل) من الصدق، أو من الصدقة، والشهيد لقيامه بشهادة الحق حتى قُتل، أو لأنه من شهيد الآخرة، والصالح: من صلح عمله، أو من صلحت سريرته وعلانيته، والرفيق: من الرفق في العمل أو من الرفق في السير. توهم قوم أنهم لا يرون الأنبياء في الجنة، لأنهم في أعلى عليين فحزنوا وسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت.

.تفسير الآية رقم (71):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71)}
{حِذْرَكُمْ} احذروا عدوكم، أو خذوا سلاحكم، سماه حذراً لأنه يُتقى به الحذر. {ثُبَاتٍ} جمع ثُبَة، وهي العصبة، قال:
لقد أغدو على ثُبَةٍ كرام ** نشاوى واجدين لما نشاء

.تفسير الآية رقم (75):

{وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75)}
{الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} مكة إجماعاً.

.تفسير الآية رقم (77):

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)}
{فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ} نزلت في قوم من الصحابة، سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة أن يأذن لهم في القتال فيقاتلون فلما فرض القتال بالمدينة قالوا ما ذكر الله في هذه الآية، أو في اليهود أو المنافقين، أو هي صفة المؤمنين لما طبع عليه البشر من الخوف.

.تفسير الآية رقم (78):

{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78)}
{بُرُوجٍ} قصور في السماء معينة، أو القصور أو البيوت التي في الحصون، أخذ البروج من الظهور، تبرجت المرأة: أظهرت نفسها.
{مًّشَيَّدَةٍ} مجصصة، والشيد: الجص، أو مطولة، شاد بناءه وأشاده رفعه، أشدت بذكر الرجل: رفعت منه، أو المشيد (بالتشديد) المطول، (وبالتخفيف) المجصص. {وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنةٌ} أراد اليهود، أو المنافقين، والحسنة والسيئة: البؤس، والرخاء، أو الخصب والجدب، أو النصر والهزيمة. {مِنْ عِندِكَ} بسوء تدبيرك، أو قالوه على جهة التطير به، كقوله تعالى: {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بموسى وَمَن مَّعَهُ} [الأعراف: 131].

.تفسير الآية رقم (79):

{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79)}
{مَّآ أَصَابَكَ} أيها الإنسان، أو أيها النبي، أو خوطب به الرسول صلى الله عليه وسلم والمراد غيره. الحسنة النعمة في الدين والدنيا. والسيئة المصيبة فيهما، أو الحسنة ما أصابه يوم بدر والسيئة ما أصابه بأُحد من شج وجهه، وكسر رباعيته، أو الحسنة: الطاعة والسيئة: المعصية قاله أبو العالية: {فَمِن نَّفْسِكَ} فبذنبك، أو بفعلك.

.تفسير الآية رقم (80):

{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80)}
{حَفِيظًا} حافظاً لهم من المعاصي، أو حافظاً لأعمالهم التي يجازون بها.

.تفسير الآية رقم (81):

{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81)}
{طَاعَةٌ} أَمْرنا لَطَاعة. {بَيَّتَ} التبييت: كل عمل دبر بليل لأن الليل وقت المبيت، أو وقت البيوت وتبييتهم إضمارهم مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم في أمره ونهيه، أو تقديرهم غير ما قال على جهة التكذيب. {يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} في اللوح المحفوظ ليجازيهم عليه، أو يكتبه بأن ينزله عليك في الكتاب.

.تفسير الآية رقم (82):

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)}
{يَتَدَبَّرُونَ} من الدبور لأنه النظر في عواقب الأمور. {اخْتِلافًا} تناقضاً من جهة حق وباطل، أو من جهة بليغ ومرذول. أو اختلافاً في تخبر الأخبار عما يسرون.

.تفسير الآية رقم (83):

{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)}
{وَإِذاَ جَآءَهُمْ} أراد المنافقين، أو ضعفة المسلمين. {أُوْلِى الأَمْرِ} العلماء، أو الأمراء، أو أمراء السرايا. {الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} أولو الأمر، أو المنافقون، أو ضعفة المسلمين. {يَسْتَنبِطُونَهُ} يستخرجونه من استنباط الماء، والنبط، لاستنباطهم العيون. {فَضْلُ اللَّهِ} الرسول صلى الله عليه وسلم، أو القرآن العزيز، أو اللطف. {إِلاَّ قَلِيلاً} من الأتباع، أو لعلمه الذين يستنبطونه إلا قليلاً، أو أذعوا به إلا قليلاً، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

.تفسير الآية رقم (85):

{مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85)}
{شَفاعَةً حَسَنَةً} الدعاء للمؤمنين والسيئة: الدعاء عليهم كانت اليهود تفعله فتوعدهم الله-تعالى- عليه، أو هو سؤال الرجل لأخيه أن ينال خيراً أو شراً بمسألته. {كِفْلٌ} وزر وإثم، أو نصيب {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ} [الحديد: 28] {مُّقِيتاً} مقتدراً، أو حفيظاً، أو شهيداً، أو حسيباً، أو مجازياً أخذ المقيت من القوت فسمي به المقتدر لقدرته على إعطاء القوت وصار لكل قادر على قوت أو غيره. وقال:
وذي ضغن كففت النفس عنه ** وكنت على مساءته مقيتاً

.تفسير الآية رقم (86):

{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)}
{بِتَحِيَّةٍ} الدعاء بطول الحياة، أو السلام، ورده فرض عام المسلم والكافر، أو يختص به المسلم. {بِأَحْسَنَ مِنْهَآ} الزيادة في الدعاء {أَوْ رُدُّوهَآ} بمثلها، أو {بِأَحْسَنَ} منها على المسلم، وبمثلها على الكافر قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما {حَسِيباً} حفيظاً، أو محاسباً على العمل ليجزي عليه، أو كافياً.

.تفسير الآية رقم (87):

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87)}
{يَوْمِ الْقِيَامَةِ} لقيام الناس فيه من قبورهم، أو لقيامهم فيه للحساب.

.تفسير الآية رقم (88):

{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88)}
{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} نزلت فيمن تخلف بأُحُد وقال: {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَبَعْنَاكُمْ}، أو في قوم قدموا المدينة فأظهروا الإسلام ثم رجعوا إلى مكة فأظهروا الشرك، أو فيمن أظهر الإسلام بمكة، وأعان المشركين على المسلمين، أو في قوم من أهل المدينة، أرادوا الخروج عنها نفاقاً، أو في قوم من أهل الإفك. {أَرْكَسَهُم} ردهم، أو أوقعهم، أو أهلكهم، أو أضلهم، أو نكسهم. {أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ} تريدون أن تسموهم بالهدى، وقد سماهم الله تعالى بالضلال، أو تهدوهم إلى الثواب بمدحهم، وقد أضلهم الله تعالى بذمهم.

.تفسير الآية رقم (90):

{إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90)}
{يَصِلُونَ} يدخلون في قوم بينكم وبينهم أمان، نزلت في بني مدلدج كان بينهم وبين قريش عقد فحرم الله تعالى من بني المدلج ما حرم من قريش. {حَصِرَتْ} ضاقت، وحصر العدو تضييقه، وهو خبر، أو دعاء. {لَسَلَّطَهُمْ} بتقوية قلوبهم، أو أذن لهم في القتال ليدفعوا عن أنفسهم. {السَّلَمَ} الصلح، أو الإسلام، نسختها آية السيف.

.تفسير الآية رقم (91):

{سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)}
{يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ} قوم أظهروا الإسلام، ليأمنوا المسلمين، وأظهروا موافقة قومهم، ليأمنوهم، وهم من أهل مكة، أو من أهل تهامة، أو من المنافقين، أو نعيم بن مسعود الأشجعي. {الْفِتْنَةِ} كلما ردوا إلى المحنة في إظهار الكفر رجعوا فيه.

.تفسير الآية رقم (92):

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92)}
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ} نزلت في عياش بن أبي ربيعة، قتل الحارث بن يزيد وكان يعذب عياشاً ثم أسلم الحارث وهاجر فقتله عياش بالحرة وهو لا يعلم بإسلامه، أو قتله يوم الفتح خارج مكة، وهو لا يعلم إسلامه {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ} أي ما أذن الله له لمؤمن {إِلاَّ خَطَئًا} استثناء منقطع. {رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} بالغة قد صَلَّت، وصامت، لا يجزي غيرها، أو تجزى الصغيرة المتولدة من مسلمين. {وَدِيَةٌ} كانت معلومة معهودة، أو هي مجملة أخذ بيانها من السنة. {مِن قَوْمٍ عَدُوٍ لَّكُمْ} كان قومه كفاراً فلا دية فيه، أو كان في أهل الحرب فقتله من لا يعلم إيمانه فلا دية فيه مسلماً كان وارثه أو كافراً فيكون (مِنْ) بمعنى (في) قاله الشافعي رضي الله تعالى عنه {بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ} أهل الذمة من أهل الكتاب، فيهم الدية والكفارة، أو أهل عهد الرسول صلى الله عليه وسلم من العرب خاصة، أو كل من له أمان بذمة أو عهد ففيه الدية والكفارة. {فَمَن لَّمْ يَجِدْ} الرقبة، صام بدلاً من الرقبة وحدها عند الجمهور، أو الصوم عند العدم بدل من الدية والرقبة قاله مسروق.

.تفسير الآية رقم (93):

{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)}
{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا} نزلت في مقيس بن صبابة قتل أخاه رجل فهري فأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم ديته، وضربها على بني النجار، فقبلها مقيس ثم أرسله النبي صلى الله عليه وسلم مع الفهري لحاجة فاحتمل الفهري وضرب به الأرض، ورضخ رأسه بين حجرين، فأهدر الرسول صلى الله عليه وسلم دمه، فقُتل عام الفتح، قال زيد بن ثابت: نزلت الشديدة بعد الهيّنة بستة أشهر، الشديدة {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا}، والهيّنة: {والذين لاَ يَدْعُونَ} [الفرقان: 68]، وقيل للرسول في الشديدة: (وإن تاب وآمن وعمل صالحاً) فقال: وأنى له التوبة، رواه ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

.تفسير الآية رقم (94):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)}
{إِذَا ضَرَبْتُمْ} لقيت سرية للرسول صلى الله عليه وسلم رجلاً معه غنيمات، فسلم عليهم، وآتى بالشهادتين، فقتله أحدهم، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «لم قتلته، وقد أسلم؟» فقال: إنما قالها متعوذاً، قال: «هلا شققت عن قلبه؟» ثم وداه الرسول صلى الله عليه وسلم ورد على أهله غنمه، قتله أُسامة بن زيد، أو المقداد، أو أبو الدرداء أو عامر بن الأضبط، أو محلم بن جثامة، ويقال: لفظت الأرض قاتله ثلاث مرات، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الأرض لتقبل من هو شر منه، ولكن الله تعالى جعله لكم عبرة»، وأمر أن تُلقى عليه الحجارة {كَذَلِكَ كُنتمُ} كفاراً فَمَنَّ الله تعالى عليكم بالإسلام.